القضية المهدوية الدرس السادس
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله الذي استعلنت حكمته في كل ما صنع، واستبانت قدرته في كل ما ابتدع، وظهر مكنون علمه في كل ما اخترع، والحمد لله الذي اصطفى اولياءه على جميع خلقه فأعلى قدرهم وميزهم بعظيم حبائه فرفع ذكرهم، وخصَّهم بجسيم بلائه؛ ليمتحن صبرهم ويضاعف أجرهم
وصل بنا الكلام الى
بيان حقيقة مطالبته بثأر جده الحسين (ع)
👈يؤكد هذه الحقيقة مولانا أمير المؤمنين (عليه السلام)، فقد ورد عن الإمام الصادق (عليه السلام) انه قال : زاد الفرات على عهد أمير المؤمنين (عليه السلام) فركب (عليه السلام) هو وابناه الحسن والحسين (عليهم السلام) فمر بثقيف فقالوا : قد جاء علي يرد الماء، فقال علي (عليه السلام) : أما والله لأقتلنّ أنا وابناي هذان وليبعثن الله رجلاً من ولدي في آخر الزمان يطالب بدمائنا.
👈 هذه الحقيقة تؤكد مطالبة الإمام بثأر جده الحسين (عليه السلام)، فان الروايات عن حركته في عصر الظهور تؤكد أنه (عليه السلام) يأتي إلى العراق ويزور قبر جدّه الحسين (عليه السلام) وينادي (يا لثارات الحسين)
⭕️ حيث أن له ثارات كثيرة لأنه لا يمثل فترة زمنية معينة وانما يمثل كل حركة التاريخ، أي منذ خلق الله سبحانه وتعالى آدم (عليه السلام) وقال للملائكة ﴿وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلاَئكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً﴾
👈 حيث كان الهدف في مسيرة هذه الخليفة أن يأتي اليوم الموعود الذي تمتلئ في الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت ظلماً وجوراً، ولكنه عندما يرفع (عجّل الله فرجه) الشعار يرفعه بعنوان (يا لثارات الحسين) أي أن الشعار الذي يختص بجده الحسين (عليه السلام) يمثل كل هذه الأحداث والآلام والتضحيات، فهو شعار يرمز لكل هذا التراث على مر العصور،
✋️ وإلى هذه الحركة وتلك الدولة أشار امامنا الصادق (عليه السلام) حيث قال لكل أناس دولة يرقبونها
ودولتنا في آخر الدهر تظهر
😔 وقد ورد في الأخبار أن الإمام المهدي (عجّل الله فرجه) يوجد عنده في البيت الذي يسكن فيه قميص جده الحسين (عليه السلام) معلق فوق رأسه وهو يراه فإذا حان وقت ظهوره يراه وقد صار دماً عبيطاً).
👈 انّ هذا الالتصاق الشديد والمباشرة الدائمة والمعايشة الطويلة لثأر جده الحسين (عليه السلام) جعله لا ينفصل عنه أبداً ويستحضر قميص جده الذي قتلوه عطشاناً،
🙏🏻 ولذلك فإنه (عليه السلام) يبدأ حركته بهذه النداءات التي أوردناها (يا لثارات الحسين) والتي تطلب ثأر جده الحسين (عليه السلام) ليكون عنواناً لحركته وشعاراً بارزاً لنهضته
🤚وقد جعل الله ثأر الإمام الحسين(ع) هدفاً للإمام المهدي(ع) لأنه تجمّعت فيه ظلامات الأنبياء والأئمة (ع) كما تجمعت في أعداء الحسين(ع) صفات الطغاة فقد ورث يزيد وأبوه الطغاة من قابيل وفرعون وهامان الى آخرهم .
قال الله تعالى: ﴿ وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا فَلَا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ إِنَّهُ كَانَ مَنْصُورًا ﴾ 1 سورة الإسراء (17)، الآية: 33، الصفحة: 285..
فقد جعل الله سبحانه حقا لولي الدم وسلطانا للأخذ بالثأر ولكن في قضية الإمام الحسين(ع) هناك إستثناء فقد قال الإمام الصادق(ع) في تفسير هذه الآية الكريمة: أنها نزلت في الحسين(ع) فلو قتل به أهل الأرض لما كان مسرفا
(2.) الكافي ج 8 ص255بحار الأنوارج44 ص219.
والذين يأخذ منهم الإمام (ع) الثأر كل من شرك في قتله فمن رضي بعمل قوم فقد شركهم فيه وفي هذا العصر نسمع بأن مفتي السعودية يقول إن يزيداً هو الخليفة الشرعي ، معنى هذا أنهم راضون بفعل يزيد عليه اللعنة ويقولون إن الإمام الحسين(ع) خرج على الخليفة الشرعي ، ومن يقول ذلك فهو شريك في دم الحسين(ع) وإنما يجمع الناس الرضا والسخط فعاقر ناقة ثمود رجلٌ واحد ولكهنم لما رضوا بفعل هذا الرجل فقد جعلهم الله عزوجل شركاء ، فعبَّر عنهم بعقروها والظالمين أيضاً مشمولون بالشراكة لأنهم يفعلون فعل القتلة والمجرمين فهم على نفس الخط المعادي لأهل البيت (ع). ومعنى أنه يقتل ذراري قتلة الحسين(ع) لأنهم رضوا بفعل آبائهم ,وأما المختار عليه الرحمة فقد أخذ بجزءٍ من الثأر، وأما الثأر الفعلي فهو يقوم به صاحب الزمان(ع) .
👈وفي حديث ينقله الشيخ الصدوق رحمه الله في علل الشرايع: عن أبي حمزة ثابت بن دينار الثمالي قال : سألت أبا جعفر محمد بن علي الباقر " ع " يا بن رسول الله لم سمّي علي (ع) أمير المؤمنين وهو أسمٌ ما سُمي به أحد قبله ولا يحل لأحد بعده ؟ قال : لأنه ميرة العلم يمتار منه ولا يمتار من أحد غيره. قال فقلت يا بن رسول الله! فلم سُمي سيفه ذا الفقار ؟ فقال (ع) : لأنه ما ضرب به أحد من خلق الله إلا أفقره من هذه الدنيا من أهله وولده وأفقره في الآخرة من الجنة. قال : فقلت يا بن رسول الله! فلستم كلكم قائمين بالحق ؟ قال : بلى. قلت فلم سمي القائم قائما ؟ قال (ع) : لما قتل جدي الحسين (ع) ضجَّت عليه الملائكة إلى الله تعالى بالبكاء والنحيب وقالوا : إلهنا وسيدنا أتغفل عمن قتل صفوتك وابن صفوتك وخيرتك من خلقك ، فأوحى الله عز وجل إليهم قرّوا ملائكتي فوعزّتي وجلالي لأنتقمنَّ منهم ولو بعد حين ، ثم كشف الله عز وجل عن الأئمة من ولد الحسين (ع) للملائكة فسرَّت الملائكة بذلك فإذا أحدهم قائم يُصلىِّ، فقال الله عز وجل: بذلك القائم أنتقم منهم (3) . علل الشرايع باب 129 ص 160
بيان مكانة الحجاز في عصر الظهور
👈 تكمن أهمية منطقة الحجاز بوجود الكعبة المشرفة (قبلة المسلمين), ومثوى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فيها ،
👈 ومن هنا ظهر لنا سبب اختيارها منطلقا لحركة ونهضة الإمام عليه السلام وبدء ظهورها ونشأتها من مكة المكرمة (البيت الحرام) ومن ثم توجهها إلى المدينة المنورة، وذلك للاستفادة من هدفين :
1️⃣ : هو إيصال رسالة إلى شعوب العالم بان منطلقات حركة الإمام عليه السلام منطلقات دينية وأهدافها إسلامية, وأن (لإسلام) هو الأيدلوجية والدستور لحركته وانه عليه السلام تابع ومجدد لشريعة جده رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.
💠 كذلك يستوعب العالم من شعاره عليه السلام (يا لثارات الحسين) -عند ظهوره المقدس- معالم مدرسته الفكرية..
💠 ومن هنا كان الظهور من قلب العالم الإسلامي, ومن قبلة المسلمين, ليحظى الإمام عليه السلام بفرصة إيضاح رسالته وأهدافه للعالم كافة من بداية انطلاق حركته.
2️⃣ : هو الاستفادة من مكانة الكعبة المشرفة عند المسلمين ، فعندما تكون بداية حركته عليه السلام من أقدس وأطهر بقعه لديهم, فان هذه الحركة تحظى باهتمام ومتابعة مستمرة من جميع المسلمين وبمذاهبهم وأطيافهم كافة لمكانة مكة المكرمة (القبلة) لديهم، وهنا يضمن الإمام عليه السلام استماع المسلمين على الأقل لبياناته وخطبه ، وحينها يصل صوته وأطروحته لجميع المسلمين.
⭕️ من هذه النقاط وغيرها يتضح لنا عبقرية القائد ونجاح إستراتيجية حركته ، بعكس ما لو كانت بداية انطلاقها من أية مدينة إسلامية أخرى, أو من أية عاصمة سياسية أخرى, فقد لا تحظى حركة الإمام عليه السلام حينها من المتابعة الإعلامية والسياسية والجماهيرية، وخاصة في بداية ظهورها وهي لم تكتمل أسباب قوتها بعد, ولم تتشكل هيكليتها وعناصرها.
يأتي الكلام في الدرس القادم ان شاء الله
لبيان دور أهل العراق في عصر الظهور المقدس
واخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين وصلّى الله على سيّدنا محمّد خاتم النبيّين وعلى آله الطيّبين الطاهرين
تم الكلام في السلسله الأولى من الصدارات
الشيخ أحمد الساعدي
تعليقات
إرسال تعليق